responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 50
يَخْتَلِقُونَ أُكْذُوبَاتٍ يَنْسِبُونَهَا إِلَى الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين وَذَلِكَ مَعْنَى التَّفْرِيعِ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.
وَ «صَدُّوا» يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا، وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ لِظُهُورِهِ، أَيْ فَصَدُّوا النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، أَي الْإِسْلَام بالتثبيط وَإِلْصَاقِ التُّهَمِ وَالنَّقَائِصِ بِالدِّينِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْل قاصرا، أَي فَصَدُّوا هُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَمَجِيءُ فِعْلِ «صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» مَاضِيًا مُفَرَّعًا عَلَى اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً مَعَ أَنَّ أَيْمَانَهُمْ حَصَلَتْ بَعْدَ أَنْ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ مُرَاعًى فِيهِ التَّفْرِيعُ الثَّانِي وَهُوَ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.
وَفُرِّعَ عَلَيْهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ لِيُعْلَمَ أَنَّ مَا اتَّخَذُوا مِنْ أَيْمَانِهِمْ جُنَّةً سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْعَذَابِ يَقْتَضِي مُضَاعَفَةَ الْعَذَابِ. وَقَدْ وَصَفَ الْعَذَابَ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِشَدِيدٍ وَهُوَ الَّذِي يُجَازَوْنَ بِهِ عَلَى تَوَلِّيهِمْ قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَحَلِفِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ.
وَوَصَفَ عَذَابَهُمْ ثَانِيًا بِ مُهِينٌ لِأَنَّهُ جَزَاءٌ عَلَى صَدِّهِمُ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَهَذَا مَعْنَى شَدِيدُ الْعَذَابِ لِأَجْلِ عَظِيمِ الْجُرْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ [النَّمْل: 88] .
فَكَانَ الْعَذَابُ مُنَاسِبًا لِلْمَقْصِدَيْنِ فِي كُفْرِهِمْ وَهُوَ عَذَابٌ وَاحِدٌ فِيهِ الْوَصْفَانِ. وَكَرَّرَ ذِكْرَهُ إِبْلَاغًا فِي الْإِنْذَارِ وَالْوَعِيدِ فَإِنَّهُ مَقَامُ تَكْرِيرٍ مَعَ تَحْسِينِهِ باخْتلَاف الوصفين.
[17]

[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 17]
لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (17)
مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ: اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً [المجادلة: 16] فَكَمَا لَمْ تَقِهِمْ أَيْمَانُهُمُ الْعَذَابَ لَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَنْصَارُهُمْ شَيْئًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ مِنْ أَهْلِ الثَّرَاءِ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ ثَرَاؤُهُمْ مِنْ أَسْبَابِ إِعْرَاضِهِمْ عَنْ قَبُولِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ سِيَادَةٍ فَلَمْ يَرْضَوْا أَنْ يَصِيرُوا فِي طَبَقَةِ عُمُومِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست